Monday, February 18, 2008

 

ناجي العلي... صاحب حنظله

صاحب حنظله

نظرة من إنسان تراه للمرة الأولى

تعطيك الأمان وفيض من الحنان

ورغم مظاهر الفرح المؤقت

يطفو حزنا من الأعماق شفافا للحظات

يمتصه ثانية عبر مسامات الألم الواسعة

يزرعه في فؤاده ويسقيه بدمائه

ومنذ اللحظة الأولى


اللقاء الأول

تتحقق النبوءة

وتقرا صفحة ناصعة البياض

وتشاهد مرآة

تعكس أنواع من العذاب

ومرارة التشريد والاغتراب

كعصفور يئن

وينشد الحزن

منذ أن اقتلعت عشه ريح عاتية

عن "الشجرة" *

التي ورثها

عن آبائه وأجداده الأولين

منذ آلاف السنين


الحنين

منذ ذاك الحين

عذبه الحنين

وفي كل صباح

تدميه نظرات الجوع والحرمان

من عيون الأطفال الأبرياء

وزوجات الشهداء

في مخيمات القهر والشقاء

وامتلآ الوعاء وفاض

واختار طريق الخلاص

فأصبح الألم قلما والدم مداد


الناطق باسم الفقراء

في جمع من الناس

مع الناطق باسم الفقراء

كان اللقاء

تبادلنا التحية

على الطريقة البوذية

وعندما تقاربنا

قال: "أعرفك"

قلت: "لا"

لكنني حاولت لقاك من "زمان"

لأسألك عن ابنك الحيران

إلى متى يثير في الحزن

ويمنع النوم عن الأجفان .. ؟


رادار ساطع

قال: ابني لاجئ فلسطيني

معجون بعذابات الوطن المحتل

ابني... يرفض الغربة والاقتلاع

ويتحرك دائما في كل مكان

يترصد الأحداث

بعين تخترق.. كل الأبعاد

كرادار ساطع

يسجل في الليل والنهار

فقير بلا غذاء

عريان بلا رداء

حفيان بلا نعال

ولاجئ

بلا وطن

اغتصاب الأرض

اغتصبت أرضه

ينام في صقيع المخيمات

وتحاك ضده المؤامرات

يتمسك بهويته

ويدافع ببسالة عن قضيته

تنبض بصماته

مع كل همسة ألم

مع كل أنٌة قلب

مع كل دمعة طفل

إنه رمز الكرامة والوفاء

وضمير أمة قتلوا فيها الإباء


أنت في كل قلب

قلت بحب: أنت في كل قلب

يعشق الأرض البعيدة

ويلعق الألم المرير

لقد طال بنا الزمان

ونحن على نفس الحال

بل نحن نخطو إلى الوراء

وبقي الأمل المخنوق

يحلم بالوطن المحتل

هل سنمتلك الحلم؟؟

أم سيغتصب الحلم؟؟

قلت أيضا: أنت ترى وتتألم

وألمك لا يذهب هدرا

ترسم خطوطا صريحة

وتكشف حكايات رهيبة

ومؤامرات خفية

ومعاناة شعب

لسنوات طويلة


حنظله رمز للوجدان

قال: " سيبقى "حنظله"

رمزا للوجدان

سيبقى حنظله.... يفضح الظلم والطغيان

وسيبقى حنظله .... سندا لشعب يعاني البعد والحرمان

سندا لشعب يعاني نير الاحتلال

سيبقى حنظله ... يزرع الورد والرمان

والتفاح والبرتقال

والتين والزيتون

وطور سنين ...

وهذا البلد الأمين

لقد طالت سنوات الغربة والهوان

والشعب بعاني القهر والحرمان

حنظله... لن ينسى الوطن الحبيب

ولن يفك القيد

حتى تسقط جميع الأقنعة

وتشرق الشمس

ونسترجع الأرض


حنظله باق

قلت: "سنراه كل يوم

ونتعلم كل يوم

ونتألم كل يوم

ونقاوم كل يوم

ولآخر نبضا سنقاتل

لأن الوعي يكبر

والشعب يعرف

إن القتل والأصفاد

ترصدونه في كل مكان

نفذوا فيه حكما بالإعدام

لأنه يرفض الذل والاستسلام

لكن "حنظله" باق

يحيا ويقاتل وشما على كف مقاتل


نوال حلاوه

الكويت 1981

* الشجرة: اسم قرية الشهيد ناجي العلي التي قدمت ألف شهيد عندما اغتصبت فلسطين عام 48، منهم الشهيد الشاعر عبد الرحيم محمود.


Comments: Post a Comment



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?